العشق الأحمر
—————–
لقد لاحظنا هذه العلة عند طلبتي حتى المتطورين والمفتوح عليهم .
فكتبت هذا المقال لاشرح لهم العلة ليزيلوا اغلال التعلق بالاشياء ليحلقوا بحب وعشق والتعلق بالله فيفنوا ويغيبوا في الذات المسمى الله فلا يبقى فيهم الا الله .
وهذه العلة تصيب العارفين بالله وتمنعهم عن الحق وتحجبهم عنه رغم انهم في حضرته وفي عليائه ويجوبون الحضرات والسماوات .فاشرت ليزيلوا لعة التعلق باي احد من عالم الصور فهي اصنام تشرك مع الخالق .
فان كانت علة تصيب العارفين وتسقطهم في الخبائث والسفليات وتجعل قلوبهم قاصية ويكول عليهم الامد .
فما بالك بالجاهل النائم هي نار وعذاب شديد .
لدى المقال ينفع العارف المستبصر كما ينفع الجاهل المعمي كل في ظروفه ومقامه .
——————————-
ان العشق هو اشد انواع البلاء الذي يصيب القلب بالتعلق الشديد بالاشخاص او الاشياء ويؤدي به هذا التعلق الي الغيرة ومن الغيرة البسيطه الي فرط الغيرة التي تصل بصاحبها الي الاذي لذا يقولون من الحب ما قتل والصحيح هو من التعلق ماقتل
فيبغي ان تفهم اولا ماهو التعلق لتفهم ماهو الحب اصلا ؟؟
التعلق بشخص ما هو يسمي العشق وتحديدا هو عشق محرم او ما اسميه هنا العشق الأحمر
هذا العشق هو حجاب قوي جدا جدا يبعدك عن الله عز وجل
بل ان في مراحل متقدمه لهذا العشق قد يصل للعبوديه من دون الله والشرك بمختلف مراحله والعياذ بالله
هذا الامر يعاني منه الناس جميعا لكنهم لايدركون ماذا يفعلون
هذا الالم الملح القوي الذي يعانون من فرط التعلق او من فرط العشق الأحمر
والتعلق او العشق الاحمر هذا ضد الحب اصلا . بل ان وجود العشق او التعلق ينفي وجود الحب والمحبة
لان العشق والتعلق قائم علي حب الملكيه والامتلاك والشهوة
لنأخذ من هذا مثال من القرآن ففيه شفاء ودواء وتفصيل لنا من كل شيء
……
فنجد ان معاناه العشق في سورة قصه سيدنا يوسف عليه لسلام
ونجد ان علاج هذا الامر بجزء من قصه سيدنا ابراهيم عليه السلام
….
ماهو العشق ولماذا سميته ماستر بالعشق الأحمر ؟
ان العشق يمكن تخيله باحجار الموزاييك المتداخله او الزجاج المعشق عاشق ومعشوق متداخل معا بقوة تكاد تصعب ان تفرقهما عن بعض
كانهما وحدة واحدة
اي هو اتحاد مجال طاقه العاشق ومجال طاقه المعشوق اتحادا تاما
لكن هذا الاتحاد او الالتصاق مدمر جدا لاعطيك تشبيه ادق
انه مثل طفلين ولدوا ملتصقين ببعض تماما (عيب خلقي) لايستطيع الاول ان يفعل شيء من دون الثاني والعكس صحيح
لذا يكون هناك تدخلات جراحيه وامور مثل هذه لفصل جسديهما عن بعض او لمنع هذا الالتصاق
فظاهريا يجب فصلهما وهذا منطقي ولاشك لنا بذلك
وكذلك باطنيا طاقه العاشق والمعشوق العاليه عندما تصل الي اقصي حد منها تنقلب
فكل شيء اذا زاد عن حدة ينقلب ضده
فكيف تنقلب
اذا زادت طاقه عن حدها يحدث تهييج بداخل جسم الانسان فيزداد خفقان ويزداد معدل افرازات الهرمونات وهكذا ويصبح عند التفكير فيه او قربه كنوع من الادمان لهذا الامر
وكلنا كنا نظن انه امر ايجابي لكن العكس تماما يحدث ففي خلف الكواليس جسدك وطاقتك هل فكرت بماذا يحدث وهل فكرت يوما لما ان سجن يوسف كان رحمه وليس عذابا ؟؟
عندما تصل طاقه الي حافه العشق
ياتي شيطان مكلف او يسمي شيطان مس العاشق ويتواجد في تشاكره السفليه الحمراء وظيفته الوحيدة ان عندما تتذكر حبيبك فلان يعمل علي تهييجك جنسيا وجسديا بزيادة معدلات افراز الهرمونات وتنشيط اجزاء من العقل
لدرجه تتشوق لرؤيه حبيك او حبيبتك وتلبي اي من طلباتها حتي لو طلبت لبن العصفور بل انك تلذذ بهذة العبوديه لان مس العاشق ابليس هذا يجعلك في حاله ادمان شديد لهذه الرعشه القلبية والمشاعر والتفكير
بل وان زادت طاقة المشاعر لديك اكتر يكون هناك حبل طاقي بينك وبين من تعشق ويأتي احدي جنود ابليس المكلفين ويتمثل لك علي صورة معشوقك
عندما تتخيل امامك عشيقك
تذهب وتاتي وهو معك تكلمه باطنيا وتسمعه وتحضنه تظن انه بذلك خيالا ايجابي وانت تسمع ابليس الذي هو متمثل في صورة هذا المعشوق كصورة بل تطيع ابليس وانت لاتدري من خطورة هذا الأمر شيئا
وهذا التعلق الشديد دائما ينتهي ببكاء وهجر المعشوق لعشيقة بالرغم من انه كان خادم لديه طوعا او ينتهي الامر بالاتفصال وهكذا تكون كل قصص الفراق نتيجه هذا العشق الاحمر
وكل المسلسلات والافلام في مجتمعنا تدعو وتحث لهذا العشق نهايتها مؤسفه في الحقيقة وبرامج سلبيه جدا طاقيا وظاهريا.
….
وناتي الحديث عن قصه سيدنا يوسف
ان امرأه العزيز جميله جدا وفاتنه جدا ويوسف كان صبيا في بيتها
لكن هذه المرأه كانت تفتقد الاهتمام والمحبة فكان يوسف هو محور كل حياتها وهو صبي
فكانت تجعله يلعب معها وخدة وتعزله عن باقي الاطفال من سنه وكانت تلقي بكل شيء يحبة خارجا حتي تكون هي امه التي يرضيها وحده
بل ان بهذا الابتزاز العاطفي كانت تسلب كل انواره وكل قواه باطنيا لجعله وهو صبي محور حياتها واهتمامها وكما يقولون باللغة العامية (ابن امه) فجعلته لايستطيع يفعل شيء بدون وجودها.
((انظر مدي تطابق القصه بما نعيشه في عصرنا من امراض القلوب))
ولما بلغ يوسف اشدة
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
[سورة يوسف 22]
لما بلغ اشده في مرحله البلوغ علمت زليخه بهذا وارادته ليس طفلها المطيع بل ارادت منه ان يكون عشيقها المطيع ….
ولان الله قد علم يوسف من علمة فبفطرته رفض ما تطلب واحسن اليها وقال انتي امي ولك فضل عليا وامتنع عن رغباتها
لكن زليخه قويه جدا انها ملكه وكيف يعصيها وهي من احسنت اليه ؟ فانقلب عشق زليخه الي انتقام وكل عشق ينقلب لهذا
فكانت تصنع له اسحارا باطنيه عديدة ومن هذه الاسحار اسحار التهييج المستمر في الاحلام فيحلم بامور سلبيه جدا وفحش وعهر وكانت تطعمه بطعام فيه سموم واسحار بصفه مستمر وكان ذلك يثقل كثيرا عليه السلام.
والاكثر من هذا انها كانت تسقيه ماء به سم لنتنقم منه بدرجات محددة دقيقه وبنسب متفاوته فما ان يوشك ان يحمي عليه او يسخن ويمرض اي يفعل السم مفعول بجسدة وتراه يتالم ويتشنج تأتيه بالمصل بنفسها دواء لهذا السم
فكانت هي تسقية السم نهارا وتأتي بالدواء ليلا مخافة ان يموت ولاتراه ثانية.
رساله اليه انها تحبه وتسهر علي راحته.
ومن اثار هذه الاسحار المستمره لتتهيج يوسف وجعله يطيع رغباتها في معاشرتها..كان هذا هو كيد ومكر عظيم
تحولت فيه زليخه الي شيطان مسيطر وهو مس العاشق الذي يامرها ان تفعل كذا وكذا.
ويوسف كاد ان يفتن بهذا من أثار الاسحار المستمرة لولا ان رأي برهان ربه .
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)
[سورة يوسف 24]
ولهذا كان السجن اي عزلته عن زليخه ظاهريا هو منع بعض هذه الاسحار العظيمة ان تصل اليه ويبدا رحلته باطنيا للتطهر من اثار الاسحار المقيته
لانه في بيتها ويسهل اختراقه في اي وقت.
(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
[سورة يوسف 33]
واريد ان انوه هنا ان الرجل او المرأه التي يتحول شده عشقها الي انتقام هذا لان الشيطان استحوذ عليها لانها نست ذكر الله وهي خطوات تدريجيه لابليس عشق ويزداد بالتهيج مس العاشق ثم بيتحول لانتقام
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
[سورة المجادلة 19]
…………………….
ماهو العلاج من العشق الأحمر ؟
ان اولي خطوات العلاج هو ادراك مشكله العشق وما ينتج عنها لانها احدي خطوات الشيطان
وثانيا هو الدعاء بصدق ويقين كما دعا سيدنا يوسف ليبتعد عنها
وثالثا هو البعد عن المصدر والتوجه خالصا لله سواء بالتوبه او دعاء او مناجاه
رابعا هو الخلوة وهذا الامر يحدثنا عنه في سورة سيدنا ابراهيم مع زوجته وابنه
فسيدنا ابراهيم وزوجته قد اصابهما بعضا من هذا التعلق . والتعلق هو حجاب يمنعه عن نزول المدد ونزول الانوار
فكان امر الله تعالي
بان يبتعد عنهم لان في هذا البعد صلاح لقلبه وصلاح لقلبها وهو تمام التوكل علي الله والتسليم القلبي
لان الناس تتخذ المنطق والمنطق ضد القلب وضد التسليم بالغيب.
عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : أول من تمنطق من النساء : هاجر ، وذلك لتخفي أثرها عن سارة لما هاجر بها إبراهيم ، عليه السلام ، إلى مكة ، فنزل بها مكة قريبا من رابية وهو مكان البيت اليوم ، فكانت هذه الرابية مرتفعة عن الأرض .
فلما أنزلها ، عليه السلام ،هناك ، كان معها جراب من تمر ،وسقاء من ماء ، ومعها ابنها إسماعيل ، فتولى وتركهم .
فالتفتت إليه هاجر ، وهي مولاة ، وقالت : لمن تتركنا يا إبراهيم ؟
فلم يجبها بشيء.
فقالت : آلله أمرك بهذا ؟
قال : نعم .
قالت : إذا لا يضيعنا ربنا .
فلما اختفى وراء الجبل التفت ، ودعا اله عز وجل ، ورفع يديه ، وقال :(رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إليهم وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(37))[إبراهيم]
ثم تولى عنهم وتركهم .
(رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)
[سورة إبراهيم 37]
وفي هذه الايه دعاء ابراهيم المحب لهما وتنفيذا لامر الله تعالي. بالخلوة له ولهما.
وباقي القصه معروفه حتي خرج ماء زمزم وهو انوار الايمان من قلبها باطنيا وماء يطهرها من فضل الله.
….
نسأل الله ان يطهرنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وان ينفعنا بما علمنا ونسأله ان يصلح ظاهرنا وباطننا من فضله .
امين الحافيظي