نبدأ بإذن الله في فك رموز هذا الفيلم القصير مشهد بمشهد، وقد أترك بعض الرموز أشرحها في مشاهد أخرى، سأحاول أن أوصل الصورة لتكون أكثر وضوحا للقارئ.
وهنا فئتين من القراء طلبتي ومن لهم بصيرة قلبية وكشف، يدركون بوضوح ما أشير إليه ليكملوا سيرهم باطمئنان أن لا غالب إلا الله والنهاية اقتربت لفرجهم، والفئة الثانية تستبشر بالخير وتعرف بعض الأمور أن الرموز واضحة والأحداث ولكن دوما يتم قلبها وتزييفها خصوصا بالتأويلات، ولكي ينتبهوا أن حان الوقت ليخرجوا من عالم الوهم الإبليسي ويبصروا بقلوبهم ويدخلوا للتطور الروحي خير لهم فالكون يتغير وننتقل من البعد الخامس إلى البعد الخمسين نقلة قوية وسريعة ترمي بالعديد إلى مقبرة الأشرار والسفليات أبد الآبدين، وأن كثرة التأويلات في هذا الفلم غيرت قراءة رموزه بالحق.
لا نعرف هل قصد بعمل الفيلم الاستنارة من مستنيرين ليصل إلى بعض المستنيرين كرسائل ليطمئنوا على سيرهم وقرب الفرج أم للتضليل بالتأويل وكثرته.
المشهد الأول (الجزء 1) الصندوق:
===================
الصناديق المتراصة خلف السياج هي القبور، أي الأجساد المادية التي تسجن الوعي والتي سوف يتم البعث منها بإذن الله، تُبعث كل روح من قبرها حين تمام تحررها من العوالم السفلية واتصالها الكامل بالعوالم العلوية وذلك هو النشور.
وستلاحظون أن هذا الضوء مستمر طول الفيلم، هناك أحد غير معروف يوجه النور إلى مشهد معين دون أخر، وغالبا من يشاهد يعتقد أن ذالك من متطلبات التصوير وصناعة الأفلام، لتركيز اهتمام المتفرج على شخصية معينة أو شيء معين، لكن في الحقيقة نحن هنا أمام فيلم ليس عادي، بل هو نبوءة حق، وكل شيء صغير أو كبير هو مهم لنا ونراه في عوالم الباطن بوضوح.
قلت لكم أن الضوء هو النور الإلهي وهو عين الذات الإلهية الذي يراقب ويحدد كيف ستسير الأحداث في هذه الحكاية، التي بدأت منذ نزول آدم الإمام إلى العوالم السفلية، إلى غاية عودته إلى السماء، كل شيء كان مدروس مثل خطة حربية كاملة شاملة محكمة وذكية بما فيها من الخطط البديلة واحتياط اللاعبين، ستقولون أي لاعبين؟ نعم إنها حقا لعبة، فيها لاعبين أساسيين ولاعبي احتياط، وهذا ما لم يستطع إبليس أن يفهمه أبدا، فكانت اللعبة تسير دوما لصالح النور، رغم كل مكر الشياطين، لن يبلغوا مكر الله العزيز الحكيم.
طبعا الله لا يلعب ولا يلهو بنا، كونوا مطمئنين، هو منزه تمام التنزيه، فلا تقولوني ما لا أقول، ولا تترجموا كلامنا على هوى النفوس، اللعبة هنا هي قائمة بين الإمام وإبليس، فالحياة الدنيا لعب ولهو وتفاخر بينكم في الأموال والأولاد، إبليس يتفاخر بأبنائه وعلى رأسهم الدجال، والإمام أيضا يتفاخر بأبنائه النورانيين، ولا غالب إلا الله، لعبة الحياة الدنيا ليست شيء سيء، بل هي فقط مرحلة لا بدّ من تجاوزها لكل الأرواح بدون استثناء، بصراحة إنها الغربال الذي سيغربل كل روح صادقة مع خالقها، لقد خلقنا الرحمان بكل حب ورحمة ورغبة لنا أن نكون في سعادة ونور وحكمة ونكون ربانيين، أي أن نتحلى بصفات الربوبية، ونسعى لنتسم بصفاته الجميلة، مثل القوة، الحكمة، العلم، القدرة، الحب، الرحمة، الوسع أيضا، هو يريدنا في توسع محاولين أن نلحق توسعه الدائم، وأهم صفة أرادنا أن نكون عليها هي الحرية المطلقة، أرواحنا حرة تماما منذ خلقها، تخيلوا أحد يمسك نجوما من نور وقام بنثرها في الفضاء وأعطاها دفعة قوية من الطاقة لتتحرك بعيدا عنه وتنتشر في كل مكان، بكل حرية، كل نجمة اتخذت مسارها وحدها وسعت إلى مالا نهاية تكتشف ذاتها، هكذا هي الأرواح، لقد أطلقنا الرحمان بكل الحرية وقال لنا أشهدتم ؟ فقلنا نعم شهدنا، فأطلقنا وقال أن تقولوا عن هذا كنا غافلين، لقد حذرنا، لكنه لم يمنعنا أبدا، أعطانا القوة التي ستكفي لتحركنا بعيدا في رحلتنا ولنا كامل الحرية أن نعود أو لا نعود، أن نفي بالعهد أو نخون، أن نؤمن أو نكفر، أن نحبه أو أن ننساه، هذا النور وهذا الظلام أمامكم، كنا في بداية الأمر، متوازنين بين نورنا وظلامنا، في تناغم كامل بين السماء والأرض، هل ظلمنا الخالق حين قيض لنا قرناء من الظلام؟ هل تعتقدون هذا فعلا؟ إذن راجعوا اسمه العدل داخلكم، هو العدل الحكم، لن يعطي النور لأحد لا يعرف الظلام، وإلا كان ظالما، كان لا بدّ لكل روح أن تعرف الظلام لتستحق النور، ولهذا كانت هذه اللعبة التي اسمها الحياة الدنيا.
سأعيدكم للفيلم، لاحظوا فوق سماء الصناديق هناك ستة مصابيح مضيئة متراصة بجانب بعضها، تلك ترمز لأيام الله الستة، وينقصها اليوم السابع، لتتم عدة الله، سبعة أيام كاملة، لكن بين اليوم السادس والسابع هناك فترة اسمها الحياة الدنيا، وهي فترة البرزخ التي تحكي عليها، وللتوضيح، الحياة الدنيا هي ما تعيشونه داخل ذلك الصندوق، إن نظرنا لداخل صندوق أو قبر كل واحد منكم، سنجده هناك يرى الحياة الدنيا، وأن أخرج رأسه من الصندوق سيرى حياة البرزخ، وأن تمكن من تحرير روحه بالكامل من القبر حينها فقط سيرى عالم الحقيقة، التي كان عليها قبل أن يلج هذه الرحلة.
لن أشتتكم أكثر من هذا، لأني أتحدث عن أمور باطنية عميقة، لكني قصدت ذلك لأجل تحفيز قلوبكم لتوسعوا مدارككم أكثر وتعوا أننا في لعبة كبيرة، ويجب الخروج منها، فهي وسيلة فقط لتمحيص القلوب ونضج الروح ومعرفة النور وليست للبقاء فيها.
لاحظوا العلامة المرسومة على جبين الماعز، كالتي على المنتجات المصنعة للبيع، الكل يعرفها ظاهريا، لكن باطنيا هي رمز لشيفرة البرامج الخاصة بكل فرد، لقد حرص إبليس على أن يطبع برامج كل واحد بأمور محددة، تصنفه في أي مجال سيشتغل لهم وما طبيعة الخدمة التي سيعملها لهم، وأنت تتشكل في رحم والدتك، يعين لك بالضبط ما شكل حياتك وكيف يجب أن تكون، ليحققوا لك المقولة الشهيرة “لي مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين ” كفوا عن اتهام الخالق بأن كتب لكم التعاسة في الحياة، فهو لم يفعل ذلك لقد كتب لكم الخالق الكتاب، الذي هو مجموع الاحتمالات اللامتناهية، وأعطاكم الحرية أن تختاروا منها ما شئتم اختباره، يقولون على الله غير الحق، فاحذروا أن تقولوا على ربكم غير الحق فيحق عليكم، ويكتب حقا لكم التعاسة، يكفي أن تفهموا أنكم عالقون في لعبة اخترتم الدخول لها بكامل حريتكم، ثم قام لاعب الظلام بقتل لاعب النور، فصارت اللعبة في يد الشر فقط وصرتم كرة يلعب بها، وحان الوقت لنقلب اللعبة لصالح النور، ويحيى لاعب النور ليجعلها لنا متعة حقيقية وقمة الخير الذي ممكن أن تختبره الروح في الأرض.
الماعز له قرنان، وهما قرني الشيطان،لأن الإنسان هنا مقترن بقرينه الشيطاني، فكأنهما اثنان في واحد مندمجان، فيظهر لنا الاثنان معا، الإنسان في صفاته الجميلة والقرين في صفاته الحيوانية السيئة، والروح تنظر من داخلها، نختبر هذه الرحلة من داخل الجسد، أي أننا نواجه الشر الذي فينا ونتعرف عليه.
فصورة الماعز كرمز هنا ليست للإنسان فصورته كاملة إنما هنا الصورة لتلبس إبليس وذريته على الآدميين مزج بينهما ماعز رمز لإبليس وتلبسه والأليف للإنسان، فجل صور النفس تابعة للحيوانات والحشرات المقترنة بالروح والمتجلية في التجسد الأثيري بصورة النفس وجل الخلق لا يفرقون بين الروح والنفس وإنهما على النقيض، وكل الخلق يعيشون بالنفس والجسد فقط فالصورة الحقيقية للإنسان داخل قبره الدنيوي، الحيوانات والحشرات كإسقاطات لها في عالم المطركس، واقرب الصور للوداعة والبراءة وتجلي الروح على النفس هم الأنعام الماعز والخرفان والبقر والثيران والإبل، والإبل سيد على القرناء والتلبس بقلوب الخلق والاقتران بأرواحهم وهو إبليس، وبالتالي هناك شر داخلنا وشراكة وآخر خارجنا، وهنا الامتحان الكبير للروح، ولن يخرج منها أحد إلا بقدر صدقه وبقدر وفاء روحه لله، والله أحكم الحاكمين ولا يظلمنا مثقال ذرة.
تفصيل آخر أحب أن أضيفه لكم، الرسم الذي في الصندوق، إن انتبهتم جيدا الكلب المرسوم أشبه بالتمساح منه الكلب، وهذا ليس صدفة بل حقيقة، لأن التمساح باطنيا هو رمز للوهم ويساعد الدجال على الوصول إلى الروح ليزرع الأوهام في بصائر الخلق، وستجدون أنهم ظاهريا يستعملون لكم صور حيوانات معينة بشكل ماكر جدا، على أساس أنه أمر عادي جدا، لكنها فقط أذون وبرامج لترسيخ قوى شريرة في الأرض، تستخدم كعلامات تجارية، أو كشخصيات تلفزيونية محببة ولطيفة، أو كتزيين للملابس وإشارات على الطريق، فقط حاولوا تنظروا للأمور حولكم بنضرة الطفل، ستجدون أنكم مندهشين جدا لكمية المكر الذي يحيط بكم، لماذا، القطة ذات الربطة الوردية (بدون ذكر أسماء صريحة)، رمز للبراءة الأنثوية ؟ لماذا شبكة التواصل تسمى شبكة عنكبوتية؟ لماذا كذا وكذا… الأمور أعمق بكثير من أن تكون صدف غير مدروسة، حين تعرفون حقيقة الرموز باطنيا، ستكتشفون أن رمز القطة هو أصل الإباحية الجنسية التي أهلكت الحرث والنسل وقتلت البراءة وسرقت كل شيء وردي وناصع البياض، وستعرفون أن العنكبوت رمز لأصل من يملئ رؤوسكم بالفكر بدل الذكر، الذي يجب أن تكونوا عليه، وحينها ستعرفون ماذا اقصد.
الأرض تحت الصناديق رملية كأنها صحراء قاحلة، ذلك رمز لجفاف الحياة من الماء، وهذا مكر إبليس، حين فصل بين الأرض وماء السماء، أي أنه قطع التواصل بالكامل مع الأبعاد العلوية وعمل للأرواح حصار كامل، ليضمن أن لا يحيى أي واحد هنا، المقبرة يجب أن لا تُنبش، والمقابر حرمات، وممنوع لأحد أن يقترب، طبعا هو لم يقدر على ذلك إلا بأنوار الإمام وسلطته العظيمة على باب السماء، تذكروا دائما أن كيد الشيطان كان ضعيفا، إنما مكره لتزول منه الجبال، مكروا بالإمام على طول الأزمان وسرقوا قواه الخارقة وسلطاته المطلقة على الحياة، والنور في الأرض وعزلونا هذه العزلة الكاملة، لكن أمر الله نافذ، ومصيرهم إلى زوال، ومصير النور أن يضيء الظلام، ويجعله يتلاشى.
هكذا نكون أكملنا المشهد الأول وأتممنا كل رموزه بفضل من الله منّة
مرحلة تواجدنا داخل هذه القبور هو بالضبط ما يسمى البرزخ، حاليا الكل يمر في البرزخ ليتم الانسلاخ بين النشأتين الأولى والآخرة، وطبعا هذا الانسلاخ هو نفسه الولادة، ولادة كل الأرواح التي بقيت على العهد للمولى، من شاء أن يعود لحقيقته سيجتهد ليخرج من سجنه، هذا لا يعني أن نخرج من أجسادنا المادية، لا أبدا، بل أن نتحرر ونحن فيها حتى نصل لحقيقتنا هنا والآن.
الثقب الدائري في الصندوق يرمز للقلب، باعتباره النافذة الوحيدة على الحقيقة، وكل روح لها هذه النافذة مفتوحة منذ البداية إلى النهاية، بمعنى ليس لها عذر أن تقول ما كنت أعلم هذا، القلب هو بوابتنا إلى جميع الأبعاد، وبصيرة القلب هي الحل لرؤية الحقيقة، لكن ما الذي يحدث لكل من يتجرأ ويُخرج رأسه من النافذة؟ التنويم والتوهيم لتشتيت الرؤية وخلط الحقائق المرئية والمسموعة من تلك النافذة.
الماعز الأليف هو كناية عن الإنسان اللطيف، الماعز هنا له عيون خضراء، هذا رمز للحب، الإنسان المحب الذي يعينه الحب ليجرؤ على تجاوز القوانين الموضوعة داخل سجنه ويتشجع لإخراج رأسه والنظر من النافذة، يفضحه الجرس الذي هو موضوع على عنقه، والجرس هو دلالة على أن كل الأرواح مراقبة وأي حركة أو تصرف خارج القوانين الموضوعة سيتدخلون مباشرة لإيقافك، الرسم على الصندوق، رجل يسحب كلبا بحبل، الكلب هو رمز الحارس، وهو من يحرس الصناديق أن تفتح ويتسمع للأجراس المنذرة بأدنى حركة خارج المسموح به.
حول المقبرة سياج من أسلاك مدببة وهذه رمز على الحرب والاستعمار، المكان محاصر ومستعمر من طرف جهات تسيطر على الوضع برمته.
لاحظوا كيف أن الماعز حين أخرج رأسه بدأت عيونه تدور بفعل الأسحار والتشتيت ثم صار كل رأسه يدور، وحاول المواصلة ثم استسلم ورجع للنوم، واعترف بصوته أنه فقط ماعز أليف، وانكتبت الاعترافات بذلك.
هنا الأمور دقيقة جدا، انتبهوا معي إلى المكعبات التي كُتِبت عليها الاعتراف، اللون الأحمر، الأصفر، البرتقالي، والمكعبات البيضاء جاءت فارغة، تذكروا القوى السفلية تحكم كل الشاكرات السفلية، شاكرا الضفيرة الشمسية، شاكرا الرحم، شاكرا الجذر، وحين نقبل أن نكون ماعزا أليفا داخل الصندوق، فإننا نأذن بأن نبقى كذلك، ونسلم شاكراتنا السفلية تسليم تام لهم، المكعبات البيضاء، ترمز هنا لنور الروح، الذي به يستمدون القوة، لذلك فهم يستعمرون الشاكرات السفلية والنور الأبيض أو المدد النازل على الروح بشكل كامل طالما صاحبها مستسلم للوضع ويؤثر السلامة والبقاء كما هو.
الشاكرات العلوية وشاكرا القلب، هذه صعب يأخذوها لكن سهل يستغلوها، وإن حصل أن أخرجت الروح رأسها من السجن وترى بعين الحق فسيغيرون الخطة، بدل منعك من الاستيقاظ، سينتقلون لدفعك لإحضار المزيد من النور والمدد لهم، وهذا ما يحصل لأصحاب الطرق الروحية الغير خبيرة بالعوالم السفلية، ترتقي الروح إلى الأعالي لكن تبقى مقيدة من شاكرا جذرها دون أن تعلم وكل نور الأعلى يصير مدد للظلام ليزيده قوة.
لاحظوا في الفيلم، هناك ضوء يتم تسليطه على الصندوق هو ما يجعل المسجون يخرج رأسه، هذا الضوء هو بالضبط نور الله الذي يصل إليك مع رسول ما، ليوقظك من سباتك، هناك من ينتبه له وهناك من لا يهتم.
يتبع …..